كان ما يسمى وادي الملوك الواقعة على الضفة الغربية من نهر النيل بالقرب من طيبة ولمدة 450 سنة أثناء عهد الدولة الحديثة من تاريخ قدماء المصريين التي امتدت من 1539 إلى 1075 قبل الميلاد بمثابة مقبرة لفراعنة تلك الفترة حيث يوجد في هذا الوادي الصخري الذي يبلغ مساحته ما يقارب 20,000 متر مربع 27 قبرا ملكيا تعود لثلاثة أسر وهي الأسرة المصرية الثامنة عشر والأسرة المصرية التاسعة عشر والأسرة المصرية العشرين تم اكتشافه لحد هذا اليوم.
يعتقد ان الوادي يضم على أقل تقدير 30 قبراً أخرى لم يتم اكتشافها لحد الآن. القبور المكتشفة في وادي الملوك لحد الآن وحسب الترتيب الزمني لحكم الفراعنة تعود إلى تحوتمس الأول وأمنحوتپ الثاني وتوت عنخ أمون وحورمحب وهم من الأسرة المصرية الثامنة عشر ورمسيس الأول وسيتي الأول ورمسيس الثاني وآمينمسيس وسيتي الثاني وسبتاح وهم من الأسرة المصرية التاسعة عشر وست ناختي ورمسيس الثالث ورمسيس الرابع ورمسيس الخامس ورمسيس التاسع وهم من الأسرة المصرية العشرون. وهناك قبور أخرى لفراعنة مجهولين لا زالت المحاولات جارية لمعرفتهم.
كان بناء قبر الفرعون يبدأ عادة بعد ايام من تنصيبه فرعونا على مصر وكان البناء يستغرق على الأغلب عشرات السنين وكان العمال يستعملون ادوات بسيطة مثل الفأس لحفر اخاديد طويلة وتشكيل غرف صغيرة في الوادي وبمرور الزمن كانت هناك قبور تبنى فوق قبور أخرى وكان شق الأنفاق والأخاديد الجديدة تؤدي في الغالب إلى انسداد الدهاليز المؤدية إلى قبر الفرعون الأقدم, انعدام التخطيط المنظم هذا كان السبب الرئيسي الذي أدى إلى بقاء هذه الكنوز وعدم تعرضها للسرقة لألاف السنين.
الضريح الرئيسي لقبر توت عنخ أمون
الضريح الرئيسي لقبر توت عنخ أمون
في4 نوفمبر 1922 وعندما كان عالم الآثار والمتخصص في تأريخ مصر القديمة البريطاني هوارد كارتر يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدي إلى قبر رمسيس السادس في وادي الملوك لاحظ وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى ان دخل إلى الغرفة التي تضم ضريح توت عنخ أمون وكانت على جدران الغرفة التي تحوي الضريح رسوم رائعة تحكي على شكل صور قصة رحيل توت عنخ أمون إلى عالم الأموات وكان المشهد في غاية الروعة للعالم هوارد كارتر الذي كان ينظر إلى الغرفة من خلال فتحة وبيده شمعة ويقال ان مساعده سأله "هل بامكانك ان ترى اي شيء ؟" فجاوبه كارتر "نعم اني ارى أشياء رائعة".
في 16 فبراير 1923 كان هوارد كارتر (1874 - 1939) أول إنسان منذ أكثر من 3000 سنة يطأ قدمه أرض الغرفة التي تحوي تابوت توت عنخ أمون. لاحظ كارتر وجود صندوق خشبي ذات نقوش مطعمة بالذهب في وسط الغرفة وعندما قام برفع الصندوق لاحظ ان الصندوق كان يغطي صندوقا ثانيا مزخرفا بنقوش مطعمة بالذهب وعندما رفع الصندوق الثاني لاحظ ان الصندوق الثاني كان يغطي صندوقا ثالثا مطعما بالذهب وعند رفع الصندوق الثالث وصل كارتر إلى التابوت الحجري الذي كان مغطى بطبقة سميكة من الحجر المنحوت على شكل تمثال لتوت عنخ أمون وعند رفعه لهذا الغطاء الحجري وصل كارتر إلى التابوتالذهبي الرئيسي الذي كان على هيئة تمثال لتوت عنخ أمون وكان هذا التابوت الذهبي يغطي تابوتين ذهبيين آخرين على هيئة تماثيل للفرعون الشاب. لاقى هاورد صعوبة في رفع الكفن الذهبي الثالث الذي كان يغطى مومياء توت عنخ أمون عن المومياء ففكر كارتر ان تعريض الكفن إلى حرارة شمس صيف مصر اللاهبة ستكون كفيلة بفصل الكفن الذهبي عن المومياء ولكن محاولاته فشلت واضطر في الأخير إلى قطع الكفن الذهبي إلى نصفين ليصل إلى المومياء الذي كان ملفوفا بطبقات من الحرير وبعد ازالة الكفن المصنوع من القماش وجد مومياء توت عنخ أمون بكامل زينته من قلائد وخواتم والتاج والعصى وكانت كلها من الذهب الخالص، لإزالة هذه التحف اضطر فريق التنقيب إلى فصل الجمجمة والعظام الرئيسية من مفاصلها وبعد ازالة الحلي اعاد الفريق تركيب الهيكل العظمي للمومياء ووضعوه في تابوت خشبي.
عرض المومياء
من مقتنيات مقبرة توت عنخ آمون
عرض المومياء
من مقتنيات مقبرة توت عنخ آمون
في فبراير 2010 قررت وزارة السياحة المصرية السماح بعرض مومياء الملك الفرعوني الشاب توت عنخ آمون أمام الجمهور لأول مرة منذ اكتشافها مع ضريحها الذهبي في مدينة الأقصر قبل 85 عاما[2].
وقال مدير هيئة الآثار المصرية زاهي حواس قوله إن العلماء المصريين بدؤوا قبل أكثر من عامين ترميم مومياء الفرعون توت عنخ آمون التي تعرضت لأضرار بالغة بعد إخراجها لفترة وجيزة من تابوتها الحجري عند إخضاعها للتصوير الطبقي المحوري[3]. وأضاف أن الجزء الأكبر من جسد المومياء مفتت إلى 18 قطعة تبدو كحجارة تحطمت أجزاء عندما اكتشفها عالم الأثار البريطاني هوارد كارتر أول مرة وأخرجها من قبرها وحاول نزع القناع الذهبي الذي كان يغطي وجه الملك توت عنخ آمون و اشار إلى أن الغموض الذي أحاط بتوت عنخ آمون وضريحه الذهبي أثار فضول وحماسة المعجبين بالدراسات المصرية القديمة منذ كشف كارتر موقع المومياء في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1922، وما كانت تخبئه من كنوز الذهب والأحجار الكريمة.
وقد كان العلماء قد أخرجوا مومياء "توت عنخ آمون" من قبرها ووضعوها على طاولة التصوير الطبقي المحوري المتطور لمدة ربع ساعة عام 2005 من أجل الحصول على صورة ثلاثية الأبعاد لمومياء يزيد عمرها عن 3000 عام. و قد استبعدت نتائج الفحص الطبي أن يكون الفرعون الشاب قد مات قتلا، لكنها لم تستطع أن تحدد تحديدا دقيقا طريقة وفاته التي وقعت في العام 1323 قبل الميلاد. فقد اكتشفت الصور أن الملك توت عنخ آمون تعرض لكسر في فخذه اليسرى، بسبب حادث ما على الأرجح، أدى إلى إصابته لاحقا بمرض قاتل تعذر تحديده. كما قدمت الصور في حينه كشفا غير مسبوق حول حياة الفرعون الشاب الذي يعد من أشهر ملوك مصر القديمة، ومنها أنه كان معافى بسبب تغذيته الجيدة رغم نحول بنيته نسبيا التي لا يتجاوز طول قامتها 170 سنتميترا عند وفاته.
محاولات لمعرفة لغز وفاته
محاولات لمعرفة لغز وفاته
في 17 من فبراير عام 2010 أعلن زاهى حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار في مؤتمر صحفي بحديقة المتحف المصري مجموعة من الاكتشافات العلمية التي تحل العديد من ألغاز نهايات الأسرة الثامنة عشرة ومنها لغز وفاة توت عنخ آمون، فبتحليل الحمض النووى لمومياء الملك توت أظهرت النتائج أن سبب الوفاه يرجع لطفيل الملاريا، ومن المرجح أن المضاعفات الناجمة بشكل حاد عن المرض أدت لوفاته، كما كشف تحليل الحمض النووي والمسح بالأشعة المقطعية لمومياء توت عنخ آمون أن الملك إخناتون هو والد الملك توت. وكشفت النتائج أيضا أن الأمراض الجينية والوراثية لعبت دوراً في وفاة توت عنخ آمون، حيث كان يعانى من خلل جيني متوارث في العائلة وكان هناك ضعف وأمراض في هذه المومياءات، ومشاكل ذات علاقة بالقلب والأوعية الدموية. وعندما قام الباحثون بإجراء مسح لمومياء توت عنخ آمون، وجدوا إصابته بالعديد من الأمراض مثل إصابته باحدوداب في عموده الفقري، إلى جانب تشوه إصبع القدم الكبير، الأمر الذي أدى إلى ضمور في قدمه اليسرى.
وقال حواس إن الرسومات القديمة كانت تصور توت عنخ آمون وهو يطلق السهام، أثناء جلوسه في العربة التي تجرها الخيل، وليس أثناء وقوفه، وهو أمر غير عادي.. وفي قبره، عثرنا على 100 عصاة للمشي، وفي البداية اعتقدنا أنها تمثل السلطة والقوة، ولكن تبين أنها عكازات قديمة كان يستخدمها، فهو بالكاد كان يستطيع السير والمشي."
كما أوضح حواس إلى أن المسح الكمبيوتري للمومياء في العام 2005 كان يهدف إلى التحقق من أنه تعرض للقتل، نظراً لأن الصور السابقة بأشعة إكس كشفت عن وجود ثقب في جمجمته، مضيفاً أنه تبين أن هذا الثقب تم أثناء عملية التحنيط، غير أنه تم اكتشاف كسر في عظم الساق الأيسر، ربما يكون له دور في وفاة الفرعون الصغير.
أهمية كنوز توت عنخ امون
أهمية كنوز توت عنخ امون
ترجع أهمية مجموعة الملك توت عنخ آمون إلى العديد من الأسباب؛ أولها أن كنز الملك توت عنخ أمون هو أكمل كنز ملكي عُثر عليه ولا نظير له، إذ يتكون من ثلاثمائة وثمان وخمسين قطعة تشمل القناع الذهبي الرائع وثلاثة توابيت على هيئة الإنسان، أحدها من الذهب الخالص والآخران من خشب مذهب. ثانيا:ًأن تلك الأمتعة ترجع إلى الأسرة الثامنة عشر أشهر وأزهى عصور الدولة الحديثة حيث انفتحت البلاد على أقاليم الشرق الأدنى القديم بفضل الحملات العسكرية والعلاقات التجارية من تصدير واستيراد للموارد والمنتجات المصنعة ونشاط أهل الحرف والفنانين. وأخيراً؛ أن هذه المجموعة الهائلة قد ظلت في مصر، وتوضح كيف كان القبر الملكي يجهز ويعد فهناك أمتعة الحياة اليومية كالدمى واللعب، ثم مجموعة من أثاث مكتمل وأدوات ومعدات حربية، وتماثيل للأرباب تتعلق بدفن الملك وما يؤدى له من شعائر، وبوق توت عنخ آمون الشهير المصنوع من الفضة وأخر من النحاس، وكل هذه المحتويات الآن بالمتحف المصري بالقاهرة. رابعاً: من هذا الكنز أو المجموعة الهائلة نتعرف على الكثير من حياة الملك وحبة للصيد وعلاقته بزوجته "عنخ أسن آمون" التي من المعتقد أن تكون قريبته، بالإضافة لمعرفة أهم أعماله وحاشيته، وأخيراً كرسي العرش الوحيد الذي وصل لنا من حضارة المصريين القدماء