قائمة المدونات الإلكترونية

السبت، 9 نوفمبر 2013

حقائق عن النمل

حقائق عن النمل 



النَّمْلة حشرة تعيش في جماعات منظمة، ولذلك يعرف النمل بالحشرات الاجتماعية. وتشمل الحشرات الاجتماعية الأخرى بعض أنواع النحل، وجميع النمل الأبيض وبعض الزنابير. وتسمى الجماعة الاجتماعية من الحشرات مستعمرة. وقد تحتوي مستعمرة النمل على 12 فردًا أو مئات أو آلاف أو ملايين الأفراد. وبكل مستعمرة ملكة واحدة أو عدة ملكات. وعمل الملكة الرئيسي وضع البيض، ومعظم أعضاء مستعمرة النملشغالات (عاملات)، وجميع الشغالات إناث مثل الملكة.وتقوم الشغالات ببناء العش، والبحث عن الغذاء، ورعاية الصغار، ومحاربة الأعداء. وتوجد الذكور في الأعشاش في أوقات معينة، ويكون عملها هو تلقيح الملكات مكتملات النمو، وتموت بعد ذلك مباشرة.
وللنمل عدة طرق للحياة. فالنمل المحارب ـ مثلا ـ يعيش على صيد حشرات أخرى، وبعض أنواع النمل المحارب تسير في حشود هائلة، فتأكل معظم الحشرات التي تصادفها، أما النمل المستعبد فيغير على أعشاش نمل آخر، يسرق الصغار، ثم يربيها عبيدًا.وهناك النمل الحاصد الذي يجمع البذور ويخزنها في أعشاشه، والنمل الحلاب الذي يربي حشرات معينة، لكي تمده بسائل حلو المذاق عند حلبها.
ويعيش النمل في كل مكان على الأرض، عدا المناطق شديدة البرودة من العالم. وهو منتشر بكثرة في المناطق ذات الطقس الدافئ. ويعيش بعض أنواع النمل في أنفاق تحت الأرض، ويعيش بعضه الآخر في تلال ترابية، وتسكن بعض أنواع النمل بداخل الأشجار، أو في أجزاء بعض النباتات المجوفة. كما يبني بعض النمل أعشاشه من أوراق الأشجار، لكن بعض أنواع النمل المحارب ليس لها بيوت دائمة.
ويوجد من النمل أكثر من 10,000 نوع معظمها ذات ألوان داكنة، مثل الأسود أو البني، أو بلون الصدأ، ولكن بعضه ذو ألوان زاهية، مثل الأصفر والأخضر والأزرق والأرجواني. ويتفاوت النمل في حجمه، وإن كان معظمه صغير الحجم، فأكبر النمل حجما لايزيد طوله على 2,5 سم، وأصغره حوالي 0,1 سم.
وبالرغم من صغر حجم النمل، فهو قوي لدرجة عجيبة، فمعظم النمل يستطيع نقل أجسام أثقل من وزنه عشر مرات، بل إن بعضه يمكنه رفع أجسام تفوق وزن جسمه خمسين مرة.
ويشبه النمل حشرة الزنابير أكثر من أي حشرة أخرى. ويوجد نوع من الزنابير يشبه النمل لدرجة أنه يسمى النمل المخملي، غير أن لدى النمل عُقَدًا في قمة الخصر كأنها نتوءات مستديرة، ولكنها في حقيقة الأمر حلقات من حلقات الجسم ضئيلة الحجم.

أجسام النمل


جسم النملة: التشريح الخارجي . يتكون جسم النملة من ثلاثة أجزاء رئيسية هي: 1- الرأس 2- الجذع 3-البطن. ويتميز الرأس بوجود العيون وقرني الاستشعار والفكوك. وتخرج من قاعدة الجذع ثلاثة أزواج من الأرجل. ويعرف الجزء الأمامي الضيق من البطن بالخصر، والجزء الخلفي الكبير بالجزء المعدي. ولبعض النمل أداة لسع توجد في الطرف الخلفي للجزء المعدي. 


تتباين كل من الملكات، والشغالات، والذكور في الحجم في معظم أنواع النمل. ففي حالات كثيرة، تكون الملكات أكبر بعدة مرات من الشغالات، أما الذكور فهي أكبر من الشغالات وأصغر من الملكات. وتسمى كبريات الشغالات ا لجنود، وقد يكون لها رأس أضخم مما لدى الشغالات الأخريات. وللنمل ـ كما للحشرات الأخرى ـ غلاف صلب يسمى الهيكل الخارجي، يعمل على حماية الأعضاء الداخلية ، وتتصل عضلات الجسم بالجدران الداخلية للهيكل الخارجي.
ويتكون جسم النملة من ثلاثة أجزاء رئيسية: 1- الرأس 2- الجذع 3- البطن. وتشبه الأعضاء الداخلية للنمل، وكذلك أعضاء الحس نظائرها في الكثير من الحشرات الأخرى.

الرأس. تشمل السمات الرئيسية لرأس النملة كلا من قرني الاستشعار والعيون وأجزاء الفم. وسوف يأتي وصف قرون الاستشعار والعيون في موضوع أعضاء الحس. وتتكّون أجزاء الفم من الفكين الأماميين والفكين الخلفيين. ويتحرك الفكان الأماميان من جانب إلى آخر، وليس من أعلى إلى أسفل. ويستخدم النمل فكيه الأماميين في حمل الغذاء وحمل الصغار، ومُحاربة الأعداء. ويستخدم كثير من النمل فكيه الأماميين ـ أيضًا ـ في بناء العش بحفر التربة أو قطع الأخشاب. أما الفكان الخلفيان، فهما زوجان من التراكيب الواقعة خلف الفكين الأماميين، ويستخدمها النمل لمضغ الطعام وتحويله إلى قطع صغيرة يلعقها بوساطة اللسان، حيث تمر إلى جيب صغير يقع تحت فتحة الفم، مبطّن بعضلات تعمل على عصر السوائل من قطع الغذاء. تبتلع النملة تلك السوائل، وتلفظ الأجزاء الصلبة المتبقية من الغذاء، وقد تمر قطع دقيقة من الغذاء الصلب عبر حلق النملة.
ويأكل النمل أنواعا مختلفة من الغذاء تشمل الحشرات والثمار وأجزاء نباتية أخرى. ويحمل كل فك من الفكين الخلفيين للنمل مشطًا يتكون من صف من الشعر الدقيق يستخدمه النمل في تنظيف قرني استشعاره وأرجله وذلك بسحبها عبر الأمشاط.

الجـــذع. هو الجزء الأوسط من جسم النملة. وتسمى منطقــة الجــذع في النمـل بالجـذع المجنـح، ويتكـون من الصدر الحقيقي مضافـا إليـه العقلــة الأولى من منطقة البطن، ويتصل الرأس بالجذع بوساطة عنق رفيع.
وللنملة ثلاثة أزواج من الأرجل، وكل رجل بها تسع عقل متصلة بمفاصل حركية وللقدم في كل رجل مخلبان معقوفان. وعندما تمشي النملة تنغرز المخالب في السطح، فتتمكن بذلك النملة من صعود الأشجار والمشي على الأسطح السفلية للفروع والأوراق. ويستخدم كثير من النمل مخالب أرجله الأمامية في حفر التربة أو شق أنفاق تحت الأرض.
وتشمـل كـل رجـل من الأرجـل الأمامية للنمل مشطـين شبيهـين بالأمشـاط الموجودة على الفكين الخلفيين. وتستعمل النملة هذين المشطين إضافة إلى أمشاط الفكين الخلفيين، في تنظيف بقية الأرجل وقرني الاستشعار.
وللذكور والملكات اليافعات في معظم أنواع النمل زوجان من الأجنحة التي تستعملها في وقت التزاوج فقط، أما الشغالات فليست لها أجنحة.

البطن. تتكون منطقة البطن من جزأين هما: الخصر والجزء المعدي. ويتكّون الخصر من واحدة أو اثنتين من العقل المتحركة سبحيّة الشكل التي تربط الجذع بالجزء المعدي وهو الجزء الأكبر من منطقة البطن. ويحمل بعض النمل أداة لسع سامة تقع في طرف الجزء المعدي، ولبعضها الآخر غدة سامة تقع بداخل ذلك الجزء، وتفتح على نهايته. وتقذف تلك الأنواع من النمل السم نحو أي عدو.

أعضاء الحس. يعد قرنا الاستشعار الملتصقان بمقدمة الرأس عضوي الحس الرئيسيين في النمل، وهما عضوا شم ولمس وتذوق وسمع. وعند نشاط النملة، يتحرك قرنا استشعارها بصورة دائمة تقريبا. وينقر النمل بقرون الاستشعار على الأرض، كما يلتقط الروائح في الهواء، ويفحص قطع الطعام، كما يلاطف بها أقرانه. ويستخدم النمل قرن الاستشعار لاكتشاف طريقه، والبحث عن غذائه، والتعرف على رفاق عشه. ويعتقد بعض الباحثين أن جميع أفراد مستعمرة النمل ذات رائحة مميّزة تُستخدم في التعرف على رفقاء العش.
وللنمل أعضاء تذوق إضافية على أجزاء الفم، وله أعضاء لمس على أجزاء أخرى من الجسم. وتتكون أعضاء اللمس من شعر وأشواك دقيقة. ومعظم النمل له عينان مركبتان، واحدة على كل من جانبي الرأس، تتكون كل منهما من عديسات دقيقة متراصة معا، ويتراوح عدد العديسات بين 6 وأكثر من 1,000 عديسة. وتملك الذكور والملكات ـ في معظم الأنواع ـ عديسات أكثر مما في أعين الشغالات. وتقوم كل عديسة بالتقاط جزء صغير فقط من صورة أي مساحة تنظر إليها النملة. وتتكون من اللقطات التي تجمعها كل العديسات معا، صورة مجمعة من أجزاء صغيرة. والأعين المركبة تمكن النمل من رؤية الأجسام المتحركة بسهولة. ومع ذلك، يستطيع النمل رؤية صورة واضحة للأجسام القريبة فقط. وبعض أنواع النمل له ثلاث عيون بسيطة تسمى العيينات على قمة الرأس. وتتمكن هذه العوينات من التمييز بين الضوء والظلام فقط. وهناك أنواع قليلة من النمل ليس لها أعين.
ويفتقـر النمـل إلى الأذن، ولكنـه يستطيع السمع بوساطة خلايا حسية تسمى الأعضاء الحسية الوترية، توجد على قرون الاستشعار والأرجل والجذع والرأس. وهـذه الأعضـاء تستجيب لذبـذبات الصوت التي تمـر خلال الأرض. ولا يعـرف الباحثـون، على وجه التأكيد، ما إذا كـان بإمكـان النمـل سمـاع الأصوات التي تمـر خلال الهـواء.
ويستطيع بعض النمل إصدار أصوات بوساطة عضو الصوت الموجود في منطقة البطن. ويتكون هذا العضو ـ في معظم الحالات ـ من صف من النتوءات على إحدى عقل البطن، ونقطة صلبة توجد على عقلة أخرى. ويصدر النمل صريرًا أو أزيزًا بوساطة حك العُقل بعضها ببعض، وفي بعض الحالات، تكون الأصوات عالية بدرجة كافية فيسمعها الناس.

الحياة في مستعمرة النمل

يختلف النمل كثيرا في طرق حياته، ويناقش هذا الباب بصفة رئيسية خصائص الحياة فى إحدى مستعمرات النمل، كما تصف الفقرة التي تقع تحت عنوان أنواع النمل بعض طرق الحياة بين النمل.


طبقات النمل ـ الملكات والذكور والشغالات ـ يختلف حجمها في معظم الحالات. فالملكة هي الكبرى يليها الذكور، فالشغالات. ومن بين نمل الخشب (أعلى) تكون بعض الشغالات أكبر من الذكور وهذه تسمى الجنود. 


طبقات النمل. ينقسم أفراد جميع مستعمرات النمل ـ تقريبًا ـ إلى ثلاث طبقات هي الملكة والشغالات والذكور. وفي معظم الأحوال، تبدأ الملكة اليافعة في تكوين مستعمرة جديدة بعد التـزاوج مع واحد أو أكثر من الذكور، حيث تستمر الملكـة في وضع البيض بقية حياتها بعد إنشاء المستعمرة. والملكـة لا تحكم المستعمرة ولكن الشغالات يقمن بإطعامها و العناية بها مثل العناية بأنفسهن. وبعض المستعمرات تكون بها ملكة واحدة، ولكن بعضها الآخر قد يحتوي على عدة ملكات. وتقوم الشغالات بالإضافة إلى رعاية الملكة بتوسيع العش وإصلاحه والدفاع عنه، و تقوم كذلك برعاية الصغار وجمع الغذاء. وقد تستمر الشغالة في عمل واحد طوال حياتها، أو قد تغير عملها من وقت لآخر. أما الذكور فلا عمل لها في المستعمرة، وهي تعيش لفترة قصيرة، ووظيفتها الوحيدة هي تلقيح الملكات. وتختلف الشغالات في الحجم والشكل باختلاف كثير من أنواع النمل، فتكون أكبرها في بعض الأنواع هي الجنود ولها رأس كبير وفكان أماميان قويان. وفي بعضها الآخر، يقتصر عمل الجنود على الدفاع عن المستعمرة، وفي أنواع أخرى، لايكون للجنود أي عمل محدد. وفي نمـل الخشب، يملك الجندي رأسًا عريضًا سداسي الشكل، حيث يقوم أحد الجنود بسد مدخل العش برأسه منعاً للأعداء من دخوله. 

داخل عش النمل يوضح هذا الرسم عشًا لمستعمرة من النمل الحاصد، يتكون من عدة غرف وأنفاق متصلة. وتمتد الأنفاق خلال التل وإلى عمق سحيق تحت الأرض. وتوجد بإحدى الغرف الملكة مع بيضها، كما تُستخدم عدة غرف حضانات، حيث ترعى الشغالات صغار النمل. وبعض الغرف تستخدمها الشغالات أماكن للتجمع أو الراحة. وللنمل الحاصد أيضا غرف لتخزين البذور التي يجمعها من خارج العش. ومع نمو المستعمرة، تحفر الشغالات مزيدا من الغرف والأنفاق. ويمضي النمل فصل الشتاء في أكثر الغرف عمقا في العش. 


الأعشاش. يبني النمل عدة نماذج من الأعشاش. وتبني معظم الأنواع بيوتها تحت الأرض، حيث تنحت أنفاقاً وغرفا في التربة، وتبني بعض الأنواع تلالاً كبيرة من الأتربة والفروع الصغيرة وأوراق الصنوبر فوق أعشاشها المشيّدة تحت الأرض. ويقوم نمل الخشب ـ الأسْود أو البُنِّي ـ ببناء أعشاشه داخل جذوع أو فروع شجر أو حتى داخل القوائم الخشبية للمنازل. وهذا النمل ـ على عكس النمل الأبيض ـ لايأكل الخشب، بل يحفر فيه بفكوكه أنفاقاً يعيش فيها فقط. وتصنع أنواع كثيرة من النمل بيوتها في كتل الأخشاب المتعفّنة، أو تحت الأشجار أو في تجاويف بين أوراق وأشواك نباتات معيّنة. وبعض الأنواع تصنع ألياف النباتات، ثم تستخدم مادتها في بناء أعشاشها بما يشبه الورق المقوّى.
ويصنع النمل النسّاج المداري أعشاشه من أوراق الأشجار، حيث تقوم بعض الشغالات بضم حواف الأوراق معاً، بينما تحمل شغالات أخرى يرقات ناسجة للحرير، وتحرّكها للأمام والخلف عبر حواف الأوراق. وهذه اليرقات ـ التي تمثل مرحلة مبكرة من تكوين النمل ـ تقوم بإنتاج غلالة من النسيج الحريري الذي يربط الأوراق معاً. وتتباين أعشاش النمل كثيرا في الحجم. فبعض النمل يسكن أعشاشا بها حجرة واحدة فقط لاتزيد على حجم الإصبع، وهذا العش قد يحتوي على 12 نملة كحد أدنى و300 نملة كحد أقصى. لكن بعض أنواع النمل المداري تبني أعشاشا قد تمتد إلى 12 م تحت الأرض. وهذا العش يمكن أن يضم أكثر من عشرة ملايين نملة، بل إن بعض أنواع النمل الأوروبية والأمريكية الشمالية تبني أعشاشاً تتكون من 12 أو أكثر من التلال الكبيرة المتصلة بأنفاق تحت الأرض. وقد تغطي تلك التلال مساحة بحجم مساحة ملعب التنس. وقد يصل ارتفاع بعض تلك التلال إلى أكثر من المتر. وقد يعيش في تلك التلال وفي الغرف المحفورة تحت الأرض ملايين النمل.
ومعظم أعشاش النمل بها عدد من الغرف تُخصّص إحداها للملكة مع بيضها، وتستخدم عدة غرف أخرى حضانات، حيث تنقل الشغالات إليها الصغار النامية، كما تستخدم غرف أخرى كأماكن لتَجَمّع الشغالات أو لراحتها. وتوجد في أعشاش بعض الأنواع غرف لتخزين الطعام أو تجميع الفطر. وكلما زاد عدد أفراد المستعمرة، تقوم الشغالات بتوسيع العش وإضافة المزيد من الغرف والممرات إليه. ويعيش النمل الموجود في المناطق ذات الشتاء البارد في أكثر أجزاء العش عمقًا خلال الشتاء ثم يصعد إلى الخارج في الربيع.


التكاثر . تمثل هذه الصورة ملكة ضخمة من النمل العسَّال تضع بيضها الذي تعتني به الشغالات المجاورات لها. وبمضي الوقت، تغلَّف الصغار في شرانق مماثلة للشرانق الثلاث المبينة في الصورة. 


التكاثر. تستمر ملكات النمل في وضع البيض طَوال العام، وينمو البيض إلى شغالات. ولكنها في أوقات معينة من السنة تضع بيضًا يُعطي ذكورًا وملكات حديثة. ثم تترك الذكور والملكات العش حال اكتمال نموها، وتذهب في طيران التزاوج حيث تطير عاليا في الهواء في حشود هائلة حيث يتم التزاوج. وخلال التزاوج، يودع الذكر النطاف (خلايا الذكر الجنسية) بداخل جسم الملكة. وقد تتزاوج الملكة الحديثة مع واحد أو أكثر من الذكور، حيث تستقبل خلال طيران التزاوج كل مايلزمها طَوال حياتها من النطاف التي تخزن في المنطقة المعدية، ثم تقوم بتخصيب البيض حال وضعه.
وبعد التزاوج، يهبط كل من الذكور والملكات إلى الأرض، حيث تتجول الذكور قليلا ثم تموت. أما الملكات فتتخلى عن أجنحتها وتبحث كل منها عن مكان مناسب لإنشاء مستعمرتها. وفي بعض الحالات، تعود الملكة الحديثة المخصبة إلى مستعمرتها التي نشأت فيها مرة أخرى؛ حيث ُتقَبل كملكة إضافية. أما في أنواع النمل الطفيلية فتحتل الملكة الحديثة المخصبة عشا لنوع آخر من النمل، حيث تعتمد على أفراد ذلك النوع من النمل في العناية بها وببيضها. ولكن الشائع أن تؤسس كل ملكة مخصَّبة حديثًا عشا خاصًا بها.
وبعد أن تعد الملكة المخصبة حديثًا عشًا، فإنها تحكم إغلاق مدخله، وبعد قليل تبدأ في وضع البيض، وتعيش الملكة خلال تلك المدة على مخزون جسمها الدهني، وتحصل أيضا على بعض الغذاء من تحّلل عضلات أجنحتها التي أصبحت بلا فائدة، حيث تذوب تلك العضلات مكونة مواد مغذية تدخل إلى مجرى الدم، وقد تأكل الملكة أيضا بعض بيضها. وللملكة الخيار في وضع بيض مخصب بوساطة النطاف التي جمعتها خلال طيران التزاوج وخزنتها في جسمها، أو تحبس النطاف عن إخصاب البيض فتضع بيضًا غير مخصب. وينشأ عن البيض المخصب شغالات وملكات، بينما ينتج البيض غير المخصب ذكوراً.
وقـد تغادر الملكـة العش في بعض أنـواع النمل الصياد من وقت لآخر، لتصطاد طرائد من الحشرات تتغذى بها، ولكن في غالبية أنواع النمل لاتغادر الملكة العش.


دورة حياة النمل 


ويمر النمل بأربـع مراحل من التكوين هي: 1- البيضة 2- اليرقة 3- الخادرة 4- النملة الكاملة. وبيض النمل دقيق جدا ويفقس في أيام قلائل يرقات دوديـة بيضـاء، لايستطيـع معظمها الحركـة. تُغذّي الملكـة اليرقـات من لعابهـا وببعض بيضها. وتستمر مرحلـة اليرقـة بضعة أسابيع، ثم تتحول اليرقات بعد اكتمال نموها إلى خـادرات. ثم تغـزل يرقـات بعض الأنـواع شرانـق حريرية ناعمة تكسو بها جسمها قبل تحولها لخادرات، بينما تغطى خـادرات الأنواع الأخرى بجلدها الرقيق الشفـاف فقـط. وتظـل الخـادرات دون حــراك ولاتغذية، بل تتحور ببطء إلى مرحلة النمل الكامل النمو. ويستمر طور الخادرة غالبًا مايقرب من أسبوعين، أو ثلاثة، تخرج بعدها شغالات مكتملات النمو، تغادر العش لجلب الطعام للملكة ولليرقات، كما تتولى رعاية الحضنة (أي البيض واليرقات والخادرات ) بينما تواصل الملكة وضع البيض. وتضع العديد من الملكات آلاف البيض خلال فترة حياتها. وينشأ عن الغالبية العظمى من البيض شغالات. وبعد تأسيس المستعمرة، تبدأ الملكة في وضع البيض الذي ينتج عنه ذكور أو ملكات حديثة. 
الحماية ضد الأعداء. يقع النمل فريسة لكل من آكلات النمل والعناكب والضفادع و السحالي، والطيور وأنواع متعددة من الحشرات. وفي معظم الحالات، ينشأ العداء بين النمل من مستعمرات مختلفة. وتحمي مجموعات النمل أنفسها ضد أعدائها باللسع أو العض، أو تنثر عليها حمض النمليك وكيميائيات طاردة أخرى.
ويملك نصف أنواع النمل تقريباً أعضاء للسع، حيث يمتلك النمل الناري والنمل الثور أعضاء لسع تثقب الجلد وتحقن سما مؤلما. وهنالك أعضاء لسع معيّنة يمكنها اختراق أي جلد سميك أو قوي. وعضو اللسع سلاح فعّال جداً في الدفاع ضد الحشرات الأخرى، حيث إنها تطلق سُمّاً يحتوي على غازات طاردة للحشرات. وهذا السم كثيف ولزج، ولذا يمكن أن يلتصق بقرني الاستشعار أو أرجل أو فكوك أية حشرة أخرى. ويستطيع بعض النمل الذي لايملك أعضاء لسع أن ينثر السم من طرف الجزء المعديّ.
وكثيرا ما تتصارع شغالات النمل من مستعمرات مختلفة، ولكن بعض تلك المعارك لا تُسبّب إصابات خطيرة. فمثلا تحدث بين أفراد مستعمراتالنمل العسّال مباريات تدافعية لاتؤذي فيها الشغالات بعضها بعضا، ولكن قد تحتل المجموعة المنتصرة مستعمرات المنهزمة. وتنشب بين بعض أنواع النمل معارك طاحنة تنتهي بالموت، تُستخدم فيها الفكوك للقبض على العدو من الخصر، أو من إحدى الأرجل، أو من أحد قرني الاستشعار. وغالبا مايتعاون سكان العش الواحد، فيمسك أحد الأعداء من أرجله أو من قرني استشعاره ويجعله في وضع مشدود، بينما تقوم أفراد أخرى من نفس العش بتمزيقه إرباً بفكوكها. ويخوض بعض النمل حروبا هائلة وضارية يمزق فيها آلاف من النمل بعضها بعضا. وقد تغير المجموعة المنتصرة على أعشاش المجموعة المنهزمة وتحمل حضانتها لتأكلها. وتعيش بعض الأنواع كل حياتها معتمدة على اغتصاب أعشاش النمل الأخرى بتلك الطريقة نفسها.

التواصل. تتواصل أفراد النمل بعدة وسائل. فالنمل الذي يعيش بداخل النباتات أو في أعشاش من ورق النبات، قد ينقر بالجزء المعديِّ من جسمه السطح الخارجي للعش عند اكتشافه لطعام قريب أو عدو متربص. ويرسل ذلك النقر ذبذبات خلال جدران العش فينتبه النمل بالداخل، وعندئذ قد يندفع النمل إلى خارج العش، ويساعد في حمل الغذاء أو مواجهة العدو. أما النمل الذي يمتلك أعضاء للصوت، فينبه أفراده في العش بإصدار أصوات صرير أو أزيز بتلك الأعضاء.
وتتواصل أفراد النمل كذلك بعضها ببعض بإطلاق كيميائيات تسمى الفيرومونات تنتجها غــدد تفتح في أمـاكن خاصـة على الرأس والجـذع والبطن، ويكون لهـا رائحـة أو طعم مميز يحس بـه النمل. وتختلف المعلومات التي تحملها الفيرومونات المختلفة. فقد تطلـق النملة فيرومونات من الجـزء المعـدي تشكل طريقًا للرائحـة من موقـع غـذاء اكتشفته حديثا حتى مكان عشها، وبذلـك تنبه النملة الشغالات الأخريات اللائي يقتفين ذلـك الأثـر إلى موقـع الغذاء. ويستطيع النمل إطلاق فيرومونات تحذير خاصة ينبه بها أقرانه في العش عند الخطر.
ومن المرجح أن النمـل يميز أعضاء مستعمرته عن أعدائـه بالرائحـة. فعندما تلتقي نملتان معًا تشم كل منهما الأخرى بوساطة قرني الاستشعار. فإذا كانتا من العش نفسه، فإنهما تقفان وجهًا لوجه، ثم تلتقط إحداهما نقطة سائل من فم الأخرى.

المـدى العُمـريّ. يتباين المــدى العُمريّ لــدى كل من الملكـة أو الشغالة أو الـذكر. فالملكـة تعيش أطـول من غيرها حيث يتراوح عمرها بين 10 و 20 سنة، بينما يتراوح عمر الشغـالات بين سنة وأكثر من خمس سنوات. لكن الذكور تعيش لبضعة أسابيع أو أشهر فقط، قبل أن تذهب في طيران التزاوج الذي تموت بعده بوقت قصير.
أنواع النمل


بعض أنواع النمل 


يوجد من النمل مايزيد على 10,000 نوع. ويصنف علماء الحشرات النمل إلى ثماني أو تسع مجموعات، على أساس الخصائص الطبيعية المتشابهة. لكن النمل يمكن أن يصنف تبعا لطرق الحياة أيضا. ويوضح هذا القسم تسع مجموعات من النمل وطرق حياتها المختلفة ، وهذه المجموعات هي: 1- النمل المحارب 2- النمل المستعبد 3- النمل الحاصد 4- النمل الحلاَّب 5- النمل العسَّال 6- النمل زارع الفِطر 7- النمل الثور 8- نمل النبات 9- نمل الخشب. 


النمل المحارب صياد شرس يتحرك في أسراب هائلة ليفترس حشرات أخرى في الغالب. وهنا يُرى نمل محارب يهاجم جندبًا، ويمزق جسده بفكوكه الطويلة. 


النمل المحارب. وهو صائد شرس، يسير أفراده في مجموعات طويلة على الأرض. وبعض الأنواع تصيد تحت الأرض وتتحرك خلال أنفاق تحت التربة. ويعتمد النمل المحارب أساسا على افتراس الحشرات الأخرى والعناكب، ولكنه أحيانا يفتك بحيوانات أكبر حجما ويأكلها ما لم تستطع الهروب منه سريعا. وتتكون معظم مستعمرات النمل المحارب من 10,000 إلى عدة ملايين من الأفراد. أما الأنواع التي تعيش فوق الأرض فلا تبني أعشاشا مستديمة، بل يتعلق بعضها ببعض في عنقود كبير وقت الراحة. وقد تتدلى من فرع شجرة، أو تستقر داخل جذع مجوف، أو في أي مكان مناسب آخر. وتتوسط الملكة وصغارها تلك الكتلة العنقودية من الأجسام.
وتنشط بعض أنواع النمل المحارب للصيد أسابيع قليلة، ثم تستريح لأسابيع أخرى. وخلال فترة الصيد، فإنها قد تعشش في مكان مختلف كل ليلة، ولكنها خلال فترات الراحة تبقى في مكان واحد، حيث تضع الملكة المئات أو الآلاف من البيض.
ويطلق اسم النمل المحارب لوصف كل من النمل الفيلقي والنمل الزاحف. ويعيش النمل الفيلقي في الأمريكتين، الشمالية والجنوبية. والمستعمرات التي توجد في المناطق الباردة أقل عددا من مستعمرات الأنواع المدارية، وهو يصيد بالليل أساساً. ويعيش النمل الزاحف في المناطق المدارية بإفريقيا.

النمل المستعِْبد يغير على أعشاش نمل آخر، ويخطف الخادرات، وعندما تتحول الخادرات إلى حشرات كاملة فإنها تساعد في أعمال المستعمرة وتخدم سادتها. 


النمل المُستعبِد. يهاجم أعشاش نمل آخر لخطف الخادرات. ولاتجبر الأسرى على الاستعباد حقيقة، لكنها عندما تصير كاملة النمو، فإنها تعمل في عش مستعبديها وكأنه عشها هي، وبذلك تساعد في أعمال المستعمرة. ويمكن لبعض أنواع النمل المستعْبِد العيش بدون عبيد، لكن النوع المعروف بنمل الأمازون لايستطيع ذلك، حيث إن فكّيه الأماميين زائدا الطول أو مقوسان بطريقة لا يتمكن معها من تغذية نفسه، أو حفر العش، ولذا فهو يحتاج إلى عبيد تطعمه وتعمل من أجله. وبعد طيران التزاوج، لاتبدأ الملكة الحديثة من النمل المستعبد في إنشاء مستعمرة جديدة، بل تستولي على عش آخر لنوع آخر من النمل، وتطرد أو تقتل الكثير من الشغالات، كما تطرد ملكة المستعمرة، وتبقى هي مع صغار المستعمرة حتى تصل إلى اكتمال النمو، فتصبح عبيداً لها، وتعاملها كأنها ملكتها. وبمرور الوقت يتحول بيض ملكة النمل المستعبد إلى شغالات مكتملة النمو، تقوم بالإغارة على الأعشاش الأخرى وإحضار المزيد من العبيد إلى العش. ويعيش النمل المستعبد في المناطق الباردة من أمريكا الشمالية و أوروبا وآسيا. وبعض الأنواع المألوفة من النمل الأحمر والنمل الأسود في أوروبا وأمريكا الشمالية هي أيضا من النمل المستعبد.

النمل الحاصد. يحمل البذور ويُخزّنها في غرف خاصة في أعشاشه، وبهذا يكون لديه دائما مخزون متوافر من الغذاء. ويقوم هذا النمل بتقشير البذور ومضغ أنويتها، وتحويلها إلى عجينة رخوة تُعرف بخبز النمل، وبعد ذلك تعصر عليه السائل وتبتلعه. وبعض أنواع النمل الحاصد تتغّذى بالأزهار والثمار والحشرات أيضا. ويعيش النمل الحاصد في جميع القارات، عدا القارة القطبية الجنوبية المتجمدة. وبعض أنواعه تكون مستعمرات كبيرة يتراوح عددها بين 60,000 و 90,000 فرد.

النمل الحلاب يقوم بحلب ندى العسل من المن. ويفرز المن قطرات من عسل الندى عندما يمسح عليه النمل بقرون استشعاره، ثم يلعق النمل المحلول السكري بعد ذلك. 


النمل الحلاب. يعيش أساسًا على محلول سكري يُسمى عسل الندى، يحصل عليه من حشرات معينة وبخاصة المن (حشرات تمتص عصارة النبات) وغيره من قمل النبات. ويمتص ذلك القمل من النباتات عصائر تحتوي على سكر وماء يزيد على حاجته، فيخرج الزيادة على هيئة عسل ندي. ويزور النمل الحلاب تلك النباتات التي يتغّذى بها ذلك القمل، لكي يتمكن النمل من لعق عسل الندى، وكثيراً ما تفرز قملة النبات قطرة من عسل الندى عندما “تحلبها” نملة، أو تمسح عليها بقرون الاستشعار. وفي مقابل هذا، يوفر النمل الحماية للقمل، حيث يهاجم الحشرات التي تقترب منه أثناء تناوله لغذائه. ويحتفظ بعض أنواع النمل الحلاب ببيض قمل النبات في أعشاشه خلال فصل الشتاء، وعندما يفقس هذا البيض في الربيع، يحمل النمل صغار القمل إلى خارج العش ويضعها على النباتات. وبعض أنواع النمل الحلاب ترعى أسرابا من قمل النبات التي تتغذى بالجذور داخل أعشاشها. وفي هذا النوع من النمل، تحمل الملكة الحديثة قملة نبات محملة بالبيض بفكوكها عندما تترك العش وتطير للتزاوج. وبعد أن تحفر الملكة عشها الجديد تضع القملة على أحد الجذور، ثم تبدأ في إنشاء سرب جديد من القمل.
وتتغذى بعض أنواع المن وغيره من قمل النبات بالمحاصيل، وتحدث بها تلفا كبيراً، ولذلك يعد النمل الحلاب من الآفات الزراعية، بسبب حمايته للمن. فالنمل الأرجنتيني مثلا يعد آفة زراعية في ولاية كاليفورنيا وشمالي فلوريدا بالولايات المتحدة حيث يصيب مزارع البرتقال. هذا النوع من النمل الحلاب أرجنتيني الموطن، ولكن تعيش أنواع منه في جميع القارات عدا القارة القطبية الجنوبية المتجمدة.

شغالات النمل العسال المُسَمّاة بالمُتْخَمات تعمل كأحواض تخزين لعسل الندى الذي تكتنزه في الجزء المعدي الذي يتضخم كما هو واضح في الصورة. وتطعم المتخمات أقرانها في العش بالسائل. 


النمل العسَّال. ويسمى أيضًا نمل قدر العسل، حيث يجمع عسل الندى من الحشرات أو من النباتات ويخزنه في أعشاشه. ولهذا النمل شغالات خاصة تسمى المُتخمات تعمل كأحواض تخزين حية للمستعمرة. وتقوم الشغالات الأخرى بجمع عسل الندى، وبعد عودتها إلى العش، تُغذّي به المتخمات؛ بحيث ينتفخ الجزء المعدي للمتخمات إلى الحد الذي يعوقها عن الحركة، وعليه تبقى ساكنة معلقة بسقف إحدى الغرف في العش. وتسترجع المتخمة بعض عسل الندى لكل فرد من أفراد العش إذا طلب منها ذلك، وذلك عن طريق لمسها بوساطة قرني استشعاره. ويعيش النمل العسال في جميع المناطق الجافة الدافئة في كل أنحاء العالم. 
النمل زارع الفطر. يزرع حدائق من الفطر داخل أعشاشه، ويربي فيها أنواعاً مختلفة منه كأشباه العفن أو أشباه الخميرة. وينتج الفطر كتلا من العقد الغذائية الدقيقة يتغذى بها النمل. ويقوم النمل بتسميد حدائقه الفطرية بأوراق النباتات أو ببتلات الأزهار ومواد نباتية أخرى يجمعها من خارج العش. وعندما تذهب ملكة حديثة في طيران التزاوج تحمل معها قطعة من الفطر. وبعد تحضيرها للعش، تبدأ الملكة في زرع حديقة فطر جديدة من تلك القطعة، وتسمدها بفضلاتها. ويوجد النمل زارع الفطر بوفرة في المناطق المدارية، وربما يكون من أشهر أنواع هذا النمل وأكثرها إثارة النمل قاطع أوراق النباتات. فهو يبني أعشاشا ضخمة تحت الأرض قد يعيش فيها ملايين النمل. وفي الليل، تترك الشغالات العش في صفوف طويلة لقطع أجزاء من أوراق الأشجار والشجيرات والنباتات الأخرى، ثم تحملها عائدة إلى العش ممسكةً بها فوق رؤوسها، فتبدو وكأنها تحمل مظلات، ولذا يسمى ـ أحيانا ـ نمل المظلات. ويقوم النمل داخل العش بمضغ الأوراق وتحويلها إلى عجينة يضعها على حدائق الفطر. ويُعد النمل قاطع الأوراق من الآفات الزراعية الخطيرة؛ لأنه يزيل الأوراق من المحاصيل.

النمل الثَّور. ويسمى ـ أحيانًا ـ نمل البلدج (البلدج نوع من الكلاب) ويوجد فقط في أستراليا ونيوكاليدونيا. وهو من أكثر أنواع النمل بدائية، وله أنماط سلوكية بسيطة جداً. ويشمل هذا النمل أكبر الأنواع الحية من النمل في الحجم، حيث يصل طول الشغالة إلى 3,5 سم. وقد كان هذا النمل أكثر انتشاراً قبل ملايين السنين، وتوجد أحافيره في الأرجنتين، كما وُجد محفوظا في العنبر (صمغ صنوبر مُتحجر) في شمال أوروبا.
والنمل الثور شرس وعدواني جدًا، وله فكان أماميان طويلان وأعضاء لسع قوية يستعملها في شل حركة الفريسة وحماية العش. وتوجد الأعشاش في التربة، وتكون عادة صغيرة الحجم، وبها بضع مئات من الشغالات وملكة واحدة. وبعد طيران التزاوج، تبدأ الملكات في تكوين مستعمرات جديدة بعد حفر غرفة في التربة ووضع البيض فيها. ولاتبقى الملكات محتجبة في أعشاشها ـ مثل معظم أنواع النمل الأخرى ـ بل تخرج لصيد طرائد من الحشرات تُطعم بها يرقاتها. ويستطيع النمل الثور الجري بسرعة كبيرة، كما يستطيع بعضه القفز، وله عيون كبيرة، كما أنه شديد الحذر. وشغالات هذا النمل تقوم بالقنص منفردة، ولذلك لاتصنع مسارات دالة على موقع الغذاء، كما يفعل نمل الخشب مثلاً. وفرائسها الأساسية هي الحشرات الأخرى، ولكن قد تتغذّى الأطوار اليافعة بالرحيق أيضًا.

نمل النبات. يلازم أنواعًا خاصة من النباتات المسُمّاة بعاشقات النمل. ويعيش معظم أنواع نمل النبات في المناطق المدارية، وكثير منه تجمعه علاقة تكافُليّة (تبادل المنفعة) مع أحد أنواع النباتات، إذ يمده النبات بأماكن للتعشيش تكون غالبا في أجزاء خاصة من الساق أو الفروع أو الأوراق. وتنتج بعض أنواع أشجار الأكاسيا (السنط) أشواكًا طويلة يعيش النمل في داخلها، كما تمد بعض النباتات النمل بالطعام على شكل رحيق. وهناك قليلٌ من النباتات تنمو بها عقد نسيجية غريبة الشكل، غنية بالبروتين والدهن لإطعام النمل. وفي مقابل ما يوفره النبات من مكان للعش والغذاء، يقوم النمل بحماية النبات، حيث يهاجم ويطارد، بل ويقتل الحشرات آكلة الأوراق، كما قد يمنع الثدييات الكبيرة من الرعي على النبات، بفضل أعضاء اللسع القوية التي يملكها ذلك النمل.


نمل الخشب يصنع أعشاشه في أنفاق في الشجر، وتسمى الشغالات الكبيرة بالجنود ولها رأس كالسدادة. والشكل أعلاه ـ يوضح جنديا يسد مدخل العش برأسه ليبعد الأعداء عنه. 


نمل الخشب. يعيش أساسا في مناطق الأخشاب والغابات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ويبني أعشاشه في تلال كبيرة يصنعها من الفروع وأجزاء النبات الأخرى. وتتيح هذه التلال للنمل تنظيم درجة الحرارة والرطوبة بداخل العش. وتتكون المستعمرة ـ أحيانا ـ من ملكة واحدة، لكن المستعمرة في بعض الأنواع قد تشتمل على عدة تلال متَّصِل بعضها ببعض، وتحتوي على عدة ملكات وآلاف الشغالات. وقد تطير الملكات بعد التزاوج مباشرة لكي تبني أعشاشاً جديدة، أو تعود لتستمر في المستعمرة نفسها مع الملكات الأخرى. وتبدأ الملكة التي تطير من العش في تكوين مستعمرة جديدة بغزو عش آخر من النمل. وبعد أن تضع ملكة نمل الخشب بيضها فيه تقوم الشغالات المضيفة برعايته. وبعد فترة تموت أفراد أصحاب العش، وفي الوقت ذاته، تكون أعداد شغالات نمل الخشب كافية لتحمّل المسئولية. ويسلك نمل الخشب مسالك طويلة على الأرض وفوق الأشجار بحثا عن الغذاء، ويجري على امتداد هذه المسالك سريعاً في كلا الاتجاهين ـ مسترشدا بالفيرومونات التي تغمر تلك المسارات. ويستهلك النمل كمية من السكريات التي تنتجها حشرات ماصة للعصارة، كما يفترس عدداً كبيراً من الحشرات الأخرى. ولذا فهو مهم جدا لأنه يلتهم أعدادا هائلة من اليساريع والخنافس آكلة الأوراق. ويُعَد نمل الخشب ذا أهمية كبيرة في كّل من سويسرا وألمانيا الغربية ـ لدوره في مقاومة الآفات الحشرية، ولذا فهي كائنات محميّة بقوة القانون. وفي بعض الأحيان تُنْقَل أعشاش هذا النمل من أماكن انتشاره إلى الغابات والمزارع التي لايوجد فيها، كطريقة طبيعية فعالة لمكافحة آفات الغابات الخشبية.
وينتمي نمل الخشب إلى مجموعة من النمل فقدت أعضاء اللسع الشبيهة بأعضاء اللسع لدى الزنابير الموجودة في النمل الأكثر بدائية. وعوضًا عن عضو اللسع، ينثر نمل الخشب حمض النمليك على أعدائه.

أهمية النمل


أحافير النمل تدل على أن النمل قد عاش على الأرض منذ أكثر من 100 مليون سنة. وهذه النملة المتحجرة والمحفوظة بالكهرمان، يرجع عمرها إلى مايقرب من 30 مليون سنة. 


يؤدي النمل دورًا مهمًا في توازن الطبيعة. فهو يلتهم أعداداً كبيرة من الحشرات، ويساعد بذلك على الحد من أعدادها المتزايدة. ففي المناطق المدارية مثلا، يأكل النمل أكثر من نصف أعداد النمل الأبيض الذي يفقس كل عام. ويمثل النمل كذلك مصدراً غذائيًا مهمًا لكل من الطيور والضفادع والسحالي وحيوانات أخرى كثيرة. انظر توازن الطبيعة. ويعتبر النمل مفيداً وضارًا للمزارعين في آن واحد؛ فبعض الأنواع تساعد المزارعين على قتل الحشرات التي تتلف المحاصيل، كما يعمل النمل الذي يحفر أعشاشه تحت الأرض على تحسين التربة، وذلك بتفكيكها وجعلها غير متماسكة وخلط محتوياتها. فالتربة المفكّكة تمتص الماء بسهولة أكثر من التربة الصلبة المتماسكة. والنمل يمكن أيضا أن يصبح من الآفات الزراعية، حيث توفر بعض أنواع النمل الحالب الحماية من المن وغيره من الحشرات الضارة بالمحاصيل. و للنمل الناري أو الحارق لسعة مؤلمة قد تسبب الحساسية لبعض الناس.
وتعتبر كثير من أنواع النمل آفات منزلية حيث يدمر نمل الخشب المنازل المبنية من الأخشاب، وذلك بحفر أنفاق في دعائمها الخشبية، كما يسطو النمل الفرعوني و النمل السارق على البيوت والمطاعم والمستشفيات والمباني الأخرى لسرقة الأغذية المخزونة. ويساعد الرش بالمبيدات واستعمال الأطعمة المسمومة على تخليص البيوت من النمل، ولكن يجب التأكد أولا من أن كلتا الطريقتين فعالتان في القضاء على النمل دون الإضرار بالناس.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More